أدب: (طاهر النور: سمفونية الجنوب سردية لا فكاك منها).حوار أجراه الصحفي: ن. م. جبران.

في الجامعة بدأ طاهر النور القراءة في أدب الرحلات، الذي أثر في تكوينه كسارد في فن الرواية والقصة القصيرة. فهو يصف بأسلوب ساحر وجذاب واقع شخوصه المكتوبة بفضول طفل ودهشة سائح يمشي في الأرض أعواماً باحثاً عن الجمال في تفاصيل الحياة في القرى الصغيرة والمدن التي تستمر فيها الحياة، بعذوبة تشبه الحلم، أو حكاية خرافية، تتجلى بين صفحاتها، قوة الحب الحقيقي، رغم ويلات الحروب ومآسي التاريخ. هو القادم من بحور الشعر، التي تركها وراءه، ليلتفت للكتابة الصحفية ويبدأ منها مشواره الطويل في غابات السرد. وبحثه الدائم عن كلمة البدء. التي خلقت منها دهشة الوجود. ليخلق في نفسه علاقة تأملية بينه وبين الطبيعة، من خلال القراءة والسفر، والكتابة التي يمارسها كطقس للتداوي من جروح ذاكرة الرماد.تحدث عن الدهشة التي تصنعها الكلمة، سواء المكتوبة أو المقروءة؟؟- الكلمة مدهشة دائماً، لا سيّما إذا كانت شعرية أو سردية، مصاغة على طريقة سحرة الكتابة العظام. نحن نقرأ، ونكتب، ونسهر، ونتعب، من أجل العثور على هذه الكلمة ذاتها. كم مرّة يتوقف الروائي أو الشاعر، عن كتابة نصٍ ساعات وأيام، وأحيانا أسابيع مقاوما ما يسمى ب »حبسة الكاتب » من أجل اصطياد الكلمة المناسبة لتكون في المكان المناسب. لذلك فإن الروائي كما قال باتريك ماديانو » يشبه إلى حد بعيد السائر في نومه، منغمس جدا فيما عليه أن يكتب ». تحدث عن علاقتك بالرواية؟؟- طبعا نصف قراءاتي في الرواية. والنصف الآخر مقسم في مختلف الفنون والعلوم. سواءاً التاريخية أو العلمية أو الطبيعية. وأعتقد أنني سأكتب أكبر عدد ممكن من الكتب، تكون أغلبها روايات. سأكتب بالتأكيد في المجالات الأخرى، فأنا أحب الكتابة في أدب الرحلات. لكن الرواية لها القسمة الضيزى.ما هو أكثر كتاب أثر فيك سواءً كقارئ أوككاتب؟؟- كتب كثيرة أثّرت فيّ كقارئ لا حصر لها، لكن النورس جوناثان، وهيا نشتر شاعرا، والجريمة والعقاب، وأعمال الكوني، أثّرت في نفسي بشكل خاص. أما كاتباً، فلا شك فإنّ « سيمفونية الجنوب » سردية لا فكاك منه أبدا. ما الذي يجعلها سردية لا فكاك منها؟- أنا أحس أن سمفونية الجنوب علاقتها بي مثل علاقة الشقيق بالشقيق، أو التوأم بالتوأم. يعني علاقة حميمية جداً، نظراً لأسباب يمكن أن نقول أنها روحية أو شيء من هذا القبيل. أحياناً يتحدث الناس عن التدواي بالكتابة أو القراءة. وأنا من هذا النوع الذي يتدواى بالكتابة والقراءة. فأنا استطيع أن أداوي نفسي بالكتابة والقراءة. وعندما كتبت هذه السردية كنت أداوي بها نفسي لا أكثر. لهذا اقول عنها أنها لا فكاك منها، بشكل شخصي دون تعميم. لأني وجدت فيها جزءاً من ذاتي. كما أنني كتبتها لنفسي أولا. أي كتاب قرأته وتعيد قرأته؟؟- الكتب التي سبق وأن ذكرتها، وبشكل عام. نادرا ما أعيد قراءة كتاب، طالما أن هناك قائمة طويلة لم أطالعها بعد.ما الذي دفعك للكتابة، الموهبة أم الرغبة في التعبير من خلال اللغة؟؟- كلاهما. لا يمكنني الكتابة دون موهبة، ولا الاستمرار في الكتابة دون رغبة. وما الذي يدفعك للاستمرار في الكتابة؟ – الشغف بالتأكيدماذا عن بدايات الكتابة، شعراً ونثراً؟- انا غالبا لا احب الحديث عن الكتابة الشعرية، باعتباري ناثراً في النهاية ولست شاعرا.  بالرغم من انني لا أنفي كثيراً مصطلح الشاعر نفسه، وهو مصطلح جد دقيق.  وبالتالي لا أستطيع أن  أنسبه إلى نفسي الآن.  بداياتي الشعرية كانت في الصف الرابع الإعدادي، وأستمرت حتى السنة الجامعية الأولى، وبالنسبة لي توقفت تجربتي الشعرية هنا.  بعد ذلك في السنة الجامعية الثانية، بدأت بالكتابة الصحفية، فكتبت عشرات المقالات، تقريبا في كل أسبوع  أكتب ثلاثة  إلى أربع مقالات كانت تنشر في الصحف العربية المختلفة. عموما هذه المقالات انا ممتن جدا لها كبداية نثرية أو صحفية.  فأنا أحب المجال الصحفي.ما هي أبرز قراءتك في تلك الفترة؟- إلى جانب الشعر قرأت: ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، وبعض القصص الكلاسيكية. وفي المرحلة الجامعية  انتقلت إلى القراءة في أدب الرحلات. فأنا أحب أدب الرحلات جداً. فقد قرأت: لأنيس منصور (غريب في بلاد غريبة) ،(200 يوم حول العالم)، وكتاب (عاشوا في حياتي). كما قرأت أيضاً للرحالة والكاتب المصري محمود السعدني. الذي يكتب بشكل جيد وأسلوب ساخر أدب الرحلات فقرأت له (أمريكا يا ويكا) وقرأت (السعلوكي في بلاد الأفريكي) (الموكوس فى بلاد الفلوس). فقد كنت أحب كتب أدب الرحلات.كيف طلقت الشعر؟- غالبا المواهب عندنا لا تجد التشجيع، ولا تجد الدعم ولا تجد التحفيز. فمن النادر أن تجد أستاذاً او موجهاً يشجع على مواصلة الكتابة. فقد كانت لي كراسة دونت فيها كل ما كتبته من قصائد. وكنت قد سلمتها لأحد الأساتذة في الجامعة  وطلبت منه أن يراجع تلك القصائد ويصدر تقيماً لها، وأن يقول لي ماذا علي أن أفعل. بعد فترة بدأت الإتصال به بين حين و آخر، كل شهر وشهرين، وأحياناً أزورو في المنزل. وهكذا أستمر الأمر  لفتره طويلة دون أن أحصل على كراستي، ودون الحصول على أي توجيه. وأظن أنها ضاعت، مثل ما يحصل ويتكرر دائما، وأكثر من مرة. لكنك لم تطلق الشعر قراءة؟- أبدا هذا لا يجوز. مهما كانت الأسباب.ما هي القصيدة التي تمثلك؟- كل القصائد الجميلة تمثلني.هل تذكر أول نص كتبته أيام الدراسة؟- لا اذكر. حتى الان إذا ألتقيت بالأصدقاء من المرحلة الثانوية والإعدادية. أجدهم يحفظون القصائد التي كتبتها في تلك الأيام بينما أنا لا أحفظها. فكثير منها قد ضاع.ما هي علاقة السفر بالكتابة!- اول كتاب كتبته كان في أدب الرحلات. فالسفر عموما يخلق علاقة تأملية بين الإنسان وبين بالطبيعة.

Quitter la version mobile