أدب: الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، أزلية الخلاف.

منذ تأسيسها في العام 2008، أصبحت الجائزة العالمية للرواية العربية حدثاً أدبياً، يضع المشهد الثقافي العربي في حال من الانقسام. فبعد الإعلان عن اسم الرواية الفائزة في كل عام، يتفق الكتّاب والصحفيين والمثقفين في العالم العربي على عدم الاتفاق، بما توصلت إليه لجنة التحكيم من نتيجة. ويتعرض القائمين على الجائزة للنقد والتشكيك في دقة عمل لجنة التحكيم، وفي استحقاق الرواية الفائزة، وحتى إذا ما كانت جديرة بالوصول للقائمة الطويلة أو القصيرة. لأنه توجد روايات أخرى أجدر بالفوز.

لكن هذا لا يقلل من أهمية الجائزة، وموقعها وتأثيرها على

الرواية التي أصبحت الشكل الأدبي الأكثر هيمنة على المشهد الثقافي. بالرغم من عمر الجائزة القصير الذي لا يتجاوز العشرون عاماً.رواية واحة الغروب للروائي المصري الراحل بهاء طاهر، كانت أول عمل يفوز بالبوكر العربية. وهي للمفارقة كانت آخر رواية يكتبها الروائي والمترجم الملقب بشيخ الروائي، وأبرز كتّاب جيل الستينيات في مصر، الذي شهد تحولات سياسية واجتماعية عديدة، مما أثر على إنتاجهم الأدبي. وقد تحولت الرواية لاحقاً في العام 2017 إلى مسلسل تليفزيون من بطولة منة شلبي وخالد النبوي. وتلتها أعمال أخرى لكتّاب كتبوا لأول مرة، وأخرين سبق لهم الوصول بأحد أعمالهم إلى القائمة القصيرة أو الطويلة، مثل: موت صغير للروائي السعودي محمد حسن علوان، ودروز بلغراد للروائي اللبناني ربيع جابر، والطلياني للكاتب التونسي شكري مخبوت. وحرب الكلب الثانية للروائي الأردني الفلسطيني إبراهيم نصر الله، والذي سبق وأن وصلت روايته زمن الخيول البيضاء للقائمة القصيرة.

وتعتبر الروايات المصرية واللبنانية الأكثر ترشحاً للقائمة القصيرة، فمنذ إنشاءها ترشح للقائمة القصيرة 13 عشر رواية مصرية، ونالت الروايات اللبنانية 11 ترشيحاً. والروايات السعودية هي الأكثر فوزاً بالجائزة بمجموع 3 روايات، وهي: ترمي بشرر لعبدو خال عام 2010، وطوق الحمامة لرجاء عالم 2011 (بالمناصفة مع رواية القوس والفراشة، للكاتب المغربي محمد الأشعري)، وموت صغير لمحمد حسن علوان 2017. ويعتبر الصحفي والكاتب الليبي أصغر فاز بالبوكر العربية، عن رواية خبز على طاولة الخال ميلاد، عام 2022، بعمر الواحد والثلاثون. وهو أول ليبي يفوز بها، ورابع من يترشح، وثالث من يصل بعمله للقائمة القصيرة، بعد كل من إبراهيم الكوني ونجوى بن شتوان.

وأكبر الفائزين عمراً هو الصحفي والروائي الفلسطيني ربعي المدهون، عن رواية مصائر: كونشيرتو الهولوكوست والنكبة، 2016 عن عمر ناهز الحادية والسبعين.والكتّاب الأكثر ترشحاً للجائزة هم: جبور الدويهي وإبراهيم نصر الله، والروائي السوداني أمير تاج السر، والمصري يوسف زيدان. والذين وصلوا للقائمة القصيرة للثلاث مرات. وبينما وصل إليها الليبي محمد النعاس والجزائري سعد خطيبي مرتين، ليكونا أول الفائزين بالجائزة من بلديهما.وبالرغم من قيمة الجائزة الكبيرة، وأهميتها سواء للكتّاب وأعمالهم، أو لدور النشر. خصوصاً في ظل الواقع الثقافي البائس، في العالم العربي، حيث أنه لا توجد أية عوائد من الكتابة. إلى إنه يوجد الكثير من الكتّاب الذين رفضوا ترشيح أعمالهم لها، أبرزهم الروائية المصرية رضوى عاشور، التي رفضت ترشيح روايتها الأخيرة الطنطورية، الصادرة عن دار الشروق 2010. وهناك كتّاب آخرون دعوا لمقاطعتها كالروائي المصري جمال الغيطاني، وإبراهيم عبد المجيد.بعد ثلاث سنوات من الآن، ستكمل الجائزة عشرون دورة. رغم الفضائح والتسريبات، ودعوات المقاطعة، وتهم الشللية. وسوف يظل الجدل دائراً حولها، والشكوك حول مصداقيتها ستستمر. كما سيستمر انقسام المشهد الثقافي والأدبي في العالم العربي، بين من يرى فيها مجرد واجهة إعلامية، ومن يرى أنها محاولة لتسليع الأدب.

ن. م. جبران

Quitter la version mobile