تشاد: ما الذي تريده زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبين في تشاد؟

وصلتْ زعيمة التجمع الوطني إلى تشاد في الثالث عشر من مارس 2025 بدعوة من رئيس الجمهورية محمد إدريس ديبي، واستقبلت من قبل الرئيس في قصره بمدينة أم جرس شرقي البلاد. ليست هذه الزيارة الأولى لزعيمة الحزب اليميني المتطرف في فرنسا إلى أنجمينا. في هذا الشهر، وقبل ثمانية أعوام، وبالتحديد في 22 مارس 2017، وصلت مارين لوبين إلى تشاد حيث قضت يومين وزارت الجنود الفرنسيين القابعين في القواعد العسكرية في تشاد، وتحدثت عن التعاون مع أنجمينا لمحاربة الإرهاب بينما كانت تستعد لخوض الانتخابات الرئاسية في بلادها.لكن لماذا هي هنا بعد أن قطعت أنجمينا علاقتها العسكرية مع فرنسا؟ وهي اليمينية المتطرفة التي تكره المهاجرين، وعلى رأسهم الأفارقة الفارّين من سموم رياح جنوب الصحراء بحثًا عن النسيم والعمل في فرنسا. عقب استقبالها، قال رئيس الجمهورية محمد إدريس: « إن إنهاء الاتفاقية العسكرية مع فرنسا لا يعني بالضرورة قطع العلاقات الفرنسية التشادية، وإنما هذه الخطوة تعتبر مهمة في تحقيق السيادة وتقرير المصير لبناء تشاد. »يشير كلام الرئيس إلى سعيٍ لتوطيد العلاقة مع فرنسا أو إعادتها إلى ما كانت عليه بعد أن ضعفت ووصلت تقريبًا إلى القطيعة. لكن ما الذي يمكن أن تفعله لوبين وهي ليست رئيسة دولة ولا تضع السياسات الخارجية لبلادها؟ كما أنه، وبحسب الإحصائيات، فحزبها ليس مرجحًا أن يفوز في انتخابات رئاسية في بلادها. وسط كل هذه التساؤلات حول ما يمكن أن تقدمه مارين إلى أنجمينا، تستفيد المرأة التي تسمى نفسها « صديقة تشاد » من ادعاء أن لحزبها علاقات قوية في العمق الإفريقي، الأمر الذي يغسل سمعة الحزب اليميني الذي يحارب الأفارقة ويصفهم بكل أسماء الطيور، كما يقول الفرنسيون. إضافة إلى أن هذا التقارب مع حزب يميني يسقط من مكانة تشاد التي ادّعتْ قبل أشهر أنها تحارب الاستعمار وأنها طردت القواعد العسكرية الفرنسية من أراضيها كي تشعر باستقلال تام. كما ستنهار أسهم الرئيس محمد إدريس التي ارتفعت عند الأفارقة منذ أشهر بسبب طرده للقوات الفرنسية من الأراضي التشادية.بدورها، قالت مارين إنها تشارك الرئيس التشادي رغبته في الاهتمام بمسائل الأمن وبالسيادة الكاملة لبلاده، وأنها تشاركه الرأي في أن تكون العلاقة بين البلدين علاقة أصدقاء يتبادلون المصالح. لكن السؤال يظل مطروحًا: ما الذي يمكن أن تستفيد منه أنجمينا من استقبال المرأة التي يكرهها معظم الأفارقة؟

ذهب بعض الخبراء إلى حاجة أنجمينا إلى عودة العلاقات مع باريس، ولكي تفتح الأبواب من جديد، اعتمدت أنجمينا على رئيسة الحزب الذي يسيطر على البرلمان في فرنسا بدل الحكومة، لإرسال رسالة مفادها أن مشكلة أنجمينا ليست مع فرنسا بقدر ما هي مع الحكومة الفرنسية الحالية التي لا تتعامل مع الدول على قيم المساواة، بل تتدخل في الشؤون الداخلية. إلا أن السؤال الذي يبقى عالقًا هو: ما الذي يمكن الحصول عليه من حزب يعتقد أن الناس أصلاً ليسوا سواسية، وأن الأفارقة والمسلمين هم مشكلة فرنسا الأولى؟وفي المقابل، تستفيد مارين من هذه الزيارة لتؤكد أن الحزب الذي يكره المسلمين والأفارقة يمكنه التعامل مع الدول والدفاع عن مصالح فرنسا، وبناء العلاقات حتى مع دول إفريقية يسكنها أغلبية من المسلمين. كما انتهزت مارين هذه الزيارة لترسل رسالة مفادها أن خصمها ماكرون هو السبب في توتر العلاقات مع دولة كانت صديقة لفرنسا.

Quitter la version mobile