لطالما ظلّ التشادي بعيدًا عن موجات الهجرة إلى الغرب. حين هاجر ملايين الأفارقة بحثا عن حياة أفضل، بقي التشادي في بلده منتظرا غد أفضل. إلا أن الأوضاع ازدادت سوء والعقلية تغيرت، واليوم كثُرَ عدد التشاديين الذين يختارون طريق الهجرة إلى أمريكا التي بدت كأرض الميعاد بالنجاح والثراء. « الهجرة، في كل الأحوال، هي وسيلة للبقاء »، هذا ما قاله الكاتب المهاجر المغربي طاهر بن جلون.في السنوات الأخيرة هاجر آلاف التشاديين بحثا عن حياة أفضل .. المئات منهم اختاروا أمريكا. لا تهمهم المسارات ولا الطرق التي يسلكونها، كما لم يهتموا بالتكاليف المالية العالية ولا المخاطر، فالآلاف عازمين على الذهاب إلى بلاد العم السام.واحد من الذين اختاروا الهجرة إلى أمريكا، شاب يدعى محمد وله من العمر 23 ربيعا، يحمل شهادة في الإدارة، لكنه قرر المغادرة لأنه يرى » تشاد بلاد بلا مستقبل.. قائلا » تشاد بلا مستقبل، وأنا لا أجد فيها عملا رغم أنني خريج جامعي » مضيفا بأن العطالة هي ال
دفعته إلى الهجرة.
يقيم محمد الآن في مدينة المدن؛ نيويورك. بعد أن بدأ رحلته عبر مطار حسن جاموس الدولي في أنجمينا. قال لنا » الرحلة استغرقت أسبوعين حتى وصلت إلى الحدود المكسيكية الأمريكية لأني حين وصلت إلى نيكاراغوا كانت هناك أزمة في البلاد، ولدواعي أمنية انتظرنا.عقب وصوله إلى نيكاراغوا قام محمد ومجموعة من رفاقه باجتياز كامل أمريكا الوسطى بالسيارة مارين بكل من هندوراس وغواتيمالا ليدخلوا المكسيك. » كيف سافر محمد ؟ لمن دفعوا الأموال ؟ »يقول محمد » يتم الأمر كله هنا في أنجمينا، هناك منسقٌ نسلمه خمسة ملايين فرنكا سيفا هي تكاليف الرحلة كاملة، شاملة ما ندفعه للمهربين الذين يجتازون بنا الحدود. وفوق ذلك عليك امتلاك أموال في الجيب تستخدمها حين الحاجة.. شخصيا أخذت معي مليونان فرنكا.حين سألناه عن المنسق وعن الذين يرتبون هذه الرحلة، رفض محمد أن يذكر اسما معينا قائلا » لدينا أصدقاء وأقارب يريدون الهجرة لذا لا بد أن نحتفظ ببعض المعلومات كي يستفيد منها من يرغبون بالهجرة، ونحن ما زلنا بحاجة للمسنق، لذا لن أخبركم من يكون، كما أنه لن يرد على اتصالات الغرباء » الأمور كلها ليست وردية، فهذا الطرق التي أوصلت محمد إلى بلاد العم سام، لم تفعل ذلك مع الكثيرين. يخبرنا شاب اسمه هارون قائلا » رسبت في الشهادة الثانوية مرتين فقررت الهجرة إلى أمريكا التي اعتقدت أن مستقبلي فيها، لكني اعتقلت فور وصولي إلى مطار نيكاراغوا وتمت أعادتي إلى إسطنبول » هكذا وفي لحظات معينة فقد هارون كل ما دخره من أموال طوال سنوات. لا شيء يستمر إلى الأبد. حتى هذا الطريق الذي بدا أنه يوفر فرصة للراغبين في الهجرة لن يكون معبدا وسالكا إلى أجل طويل، فالسلطات التشادية طلبت من السفارة التركية في أنجمينا التشديد في مسألة منح تأشيرات العبور. لكن هذه المحاولات لن تمنع الشباب من الحلم والمحاولة، فبحسب معلومات وصلتنا فإن المهاجرين باتوا يطلبون تأشيرات إقامات طويلة في تركيا، لكنهم لا يمضون أكثر من ليلة في اسطنبول، وذلك خوفا من أن يستيقظ العم سام من قيلولته الطويلة ويغلق هذا المسار الذي يعد من أنجح الطرق للدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومحاولة البحث عن تحقيق الحلم الأمريكي.